خطبة الجمعة القادمة للدكتور محمد حرز بعنوان : الوعي الرشيد وأثره في مواجهة التحديات
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الوعي الرشيد وأثره في مواجهة التحديات ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 28 ربيع الأول 1445هـ ، الموافق 13 أكتوبر 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 13 أكتوبر 2023م بصيغة word بعنوان : الوعي الرشيد وأثره في مواجهة التحديات ، للدكتور محمد حرز.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 13 أكتوبر 2023م بصيغة pdf بعنوان : الوعي الرشيد وأثره في مواجهة التحديات ، للدكتور محمد حرز.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 13 أكتوبر 2023م بعنوان : الوعي الرشيد وأثره في مواجهة التحديات.
أولاً: الوعي نعمة عظيمة ومنة كبيرة
ثانيـــًـا: الْوَعْيُ بِتَحَدِّيَّاتٍ تُهَدِّدُ أَمْنَ الْوَطَنِ.
ثالثا وأخيرا: كن واعيا حتى لا تندم بعد فوات الأوان؟
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 13 أكتوبر 2023م بعنوان : الوعي الرشيد وأثره في مواجهة التحديات : كما يلي:
الوعي الرشيد وأثره في مواجهة التحديات للدكتور محمد حرز
28 ربيع الأول 1445هـ الموافق 13 أكتوبر 2023م
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ ﴿فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ} [الحشر: 2﴾، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فاللهُمّ صلّ وسلم وزدْ وباركْ على المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ. أما بعدُ ….. فأوصيكُم ونفسي أيها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران :102)
عبادَ اللهِ: ((الوعي الرشيد وأثره في مواجهة التحديات)) عنوانُ وزارتِنا وعنوانُ خطبتِنا
عناصرُ اللقاء
أولاً: الوعي نعمة عظيمة ومنة كبيرة
ثانيـــًـا: الْوَعْيُ بِتَحَدِّيَّاتٍ تُهَدِّدُ أَمْنَ الْوَطَنِ.
ثالثا وأخيرا: كن واعيا حتى لا تندم بعد فوات الأوان؟
أيها السادةُ : ما أحوجَنا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلي أنْ يكونَ حديثُنا عن الوعى الرشيد وأثره في مواجهة التحديات ، وخاصة ونحن في حاجة إلى استثمار جانب الوعيِ والإدراك فينا، فالتحديات كثيرة في زماننا واختلط الحابل بالنابل ، وعمت فيه الفوضى الفكرية والثقافية وحتى التربوية، وتعددت فيه المفاهيم الخاطئة، وتبدلت فيه المعايير الأخلاقية والقيم التربوية، وتنوعت فيه الأشكال والمظاهر والقناعات والمرجعيات، وغابت فيه أسس الحياة المجتمعية من محبة ومودة، وتعاطف وتراحم وتضامن وتعاون، وذابت فيه مقومات الإنسانية وركائز البشرية من صدق وإخلاص، ونصح وعدل وإنصاف، وتَهدَّم فيه صرح البناء الحضاري، وخاصة وأنَّ مِنْ أَخْطَرِ التَّحَدِّيَّاتِ الَّتِي تُوَاجِهُنَا تِلْكَم التَّحَدِّيَّاتُ الَّتِي تُهَدِّدُ أَمْنَنَا وَاسْتِقْرَارَنَا فِي أَوْطَانِنَا؛ وخاصة وأنَّ الْوَعْيَ بِقِيمَةِ الْوَطَنِ، وَبِالتَّحَدِّيَّاتِ الَّتِي يُوَاجِهُهَا، وَبِالْمَخَاطِرِ الَّتِي تُحِيطُ بِهِ أَمْرٌ لَا غِنَى عَنْهُ، خَاصَّةً وَنَحْنُ فِي مَرْحَلَةٍ شَدِيدَةِ الْحَرَجِ فِي تَارِيخِ وَطَنِنَا، وخاصة ومصرنُا الغالية ٌمستهدفةٌ من الداخلِ والخارجِ ممن يريدون النيلَ منها ومن أمنِها واستقرارِها؛ لتعُمَّ الفوضى والخرابُ والهلاكُ والدمارُ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ .
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة
أولاً: الوعى نعمة عظيمة ومنة كبيرة
أيها السادة : قضية الوعي قضية مهمة وخطيرة للغاية فبها ينجو الإنسان وبغيرها يهلك الإنسان ،وبها تتقدم المجتمعات وتنهض الأمم وبغيرها تهلك المجتمعات وتتأخر الأمم ، والوعي نعمة عظيمة ومنة كبيرة امتن الله بها علينا قال جل وعلا )وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 78(وَحَثَّ اللهُ جل وعلا عبادَه المؤمنين عَلَى الْوَعْيِ وَالْإِدْرَاكِ والفهم ِ، وَأَثْنَى عَلَى أَهْلِهِما؛ فَقَالَ جل وعلا ((إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} [الحاقة: 11-12(أَيْ: يَعْقِلُهَا أُولُو الْأَلْبَابِ، ، قال ابن عباس: حافظة سامعة، قَالَ قَتَادَةُ: {أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} الْأُذُنُ الْوَاعِيَةُ أُذُنٌ عَقَلَتْ عَنِ الله تعالى، وانتفعت بما سمعت من كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قال جل وعلا{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} (ق: 37)، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى} أي: لعبرة {لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ} أي: لُبٌّ يَعِي به.، والوعيُ هو الحفظ الدقيق والفهم البليغ والإدراك العميق، فعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في نزول الوحي: “فيفصِم عنِّي وقد وعيتُ عنه ما قال”، وفي لفظٍ: “فأَعِي ما يقول”(أخرجه البخاري). قال قتادةُ -رحمه الله-: “ما سَمِعَتْ أذنايَ قطُّ شيئًا إلا وعاه قلبي”، والوعيُ أن تحفظ حديثَ الناصحِ وخطابَه ومرادَه، وتفهمَه وتقبَله وتعمَل به، وإلا فما وعيتَه ولا حويتَه، لذا حَثَّنا النَّبِيُّ ﷺ عَلَى الْفِقْهِ وَالْفَهْمِ، وَالْوَعْيِ وَالْإِدْرَاكِ، فعن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال: “سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: نضَّر اللهُ امرأً سَمِعَ مقالتي فحَفِظَها ووعاها فأدَّاها إلى مَنْ لم يسمعها؛ فربَّ حاملِ فقهٍ غيرِ فقيهٍ، وربَّ حاملِ فقهٍ إلى مَنْ هو أفقهُ منه”(أخرجه الترمذي) ورَتَّبَ النَّبِيُّ ﷺ الْخَيْرَ كُلَّهُ عَلَى الْفِقْهِ فِي الدِّينِ والفقه ٌ هو الفهم والوعى والإدراك ، وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَهَمِّيَّتِهِ، وَعِظَمِ شَأْنِهِ، وَعُلُوِّ مَنْزِلَتِهِ، فقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «النَّاسُ مَعَادِنُ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا». هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. «إِذَا فَقِهُوا»: إِذَا صَارُوا فُقَهَاءَ أصحاب فهم ووعي وإدراك . والمؤمنُ الواعِي محميٌّ -بإذن الله- عن العثَرات؛ لقول النبي المختار ﷺ: «لا يُلدغُ المؤمنُ من جُحرٍ واحدٍ مرتين»؛ رواه البخاري ومسلم، لذا كان الوعيُ سببًا قويا في إثبات الحقِّ كما في الصحيحين: أن امرأتين خرجَتا على سليمان وقد اختلفَتا في ابنٍ معهما، كلُّ واحدةٍ تدَّعي أنه ابنُها. فقال: ائتُوني بالسكِّين أشُقُّه بينهما، فقالت الصغرى: لا تفعل، يرحمُك الله، هو ابنُها، أي: ابن الكبرى. فقضَى به للصغرى، أي: حكمَ به لمن رفضَت شقَّه بالسكِّين، مع أنها أقرَّت أنه ابنُ الكبرى، ولكنه وعَى حقيقةَ الأمر ولم يأخذ بإقرارها الظاهِر، وهو كما قيل: “سيدُ الأدلة”؛ لأنه لو كان ابنًا للكُبرى لما رضِيَت الكُبرى بشقِّه بينهما نصفَيْن.
وقلةُ الوعيِ آفةٌ خطيرة تهلك صاحبها في الدنيا والآخرة وتجعله كالبهيمة عافانا الله وإياكم قال جل وعلا {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا} [الأعراف: 179)، وأَخْبَرَ اللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أَنَّ هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَدُومُ حَسَرَاتُهُمْ، وَيُعْلِنُونَ نَدَمَهُمْ؛ فَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا- حِكَايَةً عَنْهُمْ ))وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 10-11. فالوعيُ مِنْ أَجَلِّ النفائسِ وأزكى الغرائزِ ويُدرَكُ الوعيُ بالعلمِ والقرآنِ والمطالَعةِ، ويقوى بصحبة ذي العقل الوافر، فكن واعيا عاقلا فاهما جامعا للخير مناع للشر تسعد في دنياك وآخراك ولله در القائل
الخيرُ يَبقى وإِنْ طال الزمانُ به *** والشرُّ أخبثُ ما أوعيتَ مِنْ زَادِ
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة
ثانيـــًـا : الْوَعْيُ بِتَحَدِّيَّاتٍ تُهَدِّدُ أَمْنَ الْوَطَنِ .
أيها السادة: لا يخفى على أحد أن وطننا مصر الغالية يحاك لها المكائد والأزمات من الداخل والخارج ممن يريدون النيلَ منها ومن أمنِها واستقرارِها؛ لتعُمَّ الفوضى والخرابُ والهلاكُ والدمارُ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ، وإِنَّ مِنْ أَخْطَرِ التَّحَدِّيَّاتِ الَّتِي تُوَاجِهُنَا تِلْكَم التَّحَدِّيَّاتُ الَّتِي تُهَدِّدُ أَمْنَنَا وَاسْتِقْرَارَنَا فِي أَوْطَانِنَا؛ فَالْأَمْنُ فِي الْأَوْطَانِ مِنْ أَعْظَمِ مِنَنِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ عَلَى الْإِنْسَانِ وكيف لا ؟ ولَقَدِ امْتَنَّ اللهُ عَلَى أَهْلِ حَرَمِهِ الْآمِنِ بِالْأَمْنِ؛ فَقَالَ جل وعلا {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [العنكبوت: 67]؛ وكيف لا ؟ والأمنُ في الأوطانِ مطلبٌ الكُلُّ يريدُه ويطلبُه، ومَن يسعى لزعزعةِ الأمنِ إنما يريدُ الإفسادَ في الأرضِ، وأن تعمَّ الفوضَى والشرُ بين عبادِ اللهٍ، فزعزعة.ُ أمنِ الأمّةِ وترويعُ الآمنينَ جريمةٌ نكراءُ فيها إعانةُ لأعداءِ الإسلامِ على المسلمين، فالأمنُ والأمانُ من أجلِّ النعمِ التي أنعمَ اللهُ بها علينا؛ قال جل وعلا {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: 112. ولقولِ النبيِ صلى الله عليه وسلم كما في حديثِ أبي الدرداءِ رضى اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله:” مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بحذافيرها ((رواه البخاري في الأدب المفرد والترمذي في السنن مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَكُونَ جَمِيعًا فِي يَقَظَةٍ وَوَعْيٍ وَحَيْطَةٍ وَحَذَرٍ، وَفِي التَّارِيخِ عِبْرَةٌ، وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ.. وكيف لا ؟ ومن حقِّ الوطنِ علينا أيها الأخيارُ أنْ نعملَ على التنميةِ الشاملةِ في جميعِ نواحي الحياةِ فالمجتمعاتُ الناجحةُ تقاسُ قوتُها بمدىَ تحقيقِ التنميةِ الشاملةِ فيها سواءٌ التنميةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والتعليميةِ والإيمانيةِ والروحيةِ ، وبقوتها على مواجهة التحديات والصعوبات بوعِ وإدراك ،فالركودُ والتضخمُ والكسادُ والبطالةُ والفقرُ والجهلُ والمعاصي وقلة الوعي والفهم وقلة الادراك أمراضُ شيخوخةٍ تؤديِ إلى انتشارِ الفسادِ في أركانهِ, وانطفاءِ الأملِ بين شبابِه، ومن ثَمَّ تكثرُ الانحرافاتُ واليأسُ والانتحارُ والإحباطُ في المجتمعاتِ ، وهذا يتنافىَ مع ما جاءَ به الإسلام، وكيف لا؟ وإِنَّ مِنْ أَهَمِّ التَّحَدِّيَّاتِ الَّتِي نُوَاجِهُهَا: التَّحَدِّيَّاتِ الِاقْتِصَادِيَّةَ؛ فَيَجِبُ التَّعَاوُنُ لِمُوَاجَهَةِ هَذِهِ التَّحَدِّيَّاتِ بِالْعَمَلِ وَالتَّخْطِيطِ، فَالنَّبِيُّ ﷺ حَثَّنا عَلَى الْعَمَلِ وَإِعْمَارِ الْأَرْضِ إِلَى آخِرِ لَحْظَةٍ فِي الْحَيَاةِ؛ فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَلَّا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا(( فالمشاركةُ بإخلاصٍ في بنائِهِ وذلك بإتقانِ العملِ والحرصِ على جودةِ الإنتاجِ فهو سببٌ لتقدمِ الأممِ فكمْ مِن أممٍ تقدمتْ بسببِ اتقانِهَا للعملِ، وكمْ مِن أممٍ تأخرتْ بسببِ عدمِ إتقانِهَا للعملِ لذا قال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم كما في حديثِ عائشةَ أمِّ المؤمنين:((إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ) رواه البيهقيُّ. وكيف لا؟ والواجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَثَبَّتَ مِنَ الْأَخْبَارِ الشَّائِعَةِ والشائعات المغرضة ، وَأَلَّا يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ, وَأَنْ يَرُدَّهَا إِلَى أَهْلِ الْعِلْمِ ، فالشائعات الآن منشرة في وطننا بصورة مخزية للنيل من أمنه واستقراره ،والشَّائِعَاتُ تُخِلُّ بِالْأَمْنِ، وَتَجْلِبُ الْوَهَنَ، وَتُحَقِّقُ مُرَادَ الْأَعْدَاءِ فِي تَرْكِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَاسْتِضْعَافِهِمْ، وَكَسْرِ شَوْكَتِهِمْ وَتَيْئِيسِهِمْ، وَقَتْلِ رُوحِ الْمُقَاوَمَةِ فِي نُفُوسِهِمْ.وصدق المعصوم صلى الله عليه وسلم إذ يقول ((كَفَى بِالْمَرْءِ إِثمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ)).وَفِي رِوَايَةٍ: ((كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ فتثبتوا من تلكم الشائعات قبل فوات الأوان كَمَا قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {وإذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 83(فكَمْ قتلت الْشَائعَات ُ مِنْ أَبْرِيَاءَ, وَحَطَّمَتْ عُظَمَاءَ، وَهَزَمَتْ مِنْ جُيُوشٍ، وَهَدَمَتْ مِنْ مجتمعات، وَتَسَبَّبَتْ فِي جَرَائِمَ, وَفَكَّكَتْ مِنْ عَلَاقَاتٍ وَصَدَاقَاتٍ، وَأَخَّرَتْ مِنْ سَيْرِ أَقْوَامٍ!! وكيف لا؟ ومن الوعي عدم تهجير الفلسطينيين من أرضهم إلى حدودنا ليس خوفا على أرضننا فمصرنا بفضل الله تسع الجميع ومفتوح حدودها لكل محب ومريد للخير، ولكن خوفا على تسليم أرض فلسطين لهؤلاء اليهود وتنفيذ مخططهم الخبيث من النيل إلى الفرات ياسادة نحمي فلسطين بأرواحنا ودمائنا وبكل ما نملك فالوعى والوعي ممن يريدوا التقليل من شأن مصرنا الوعى الوعى في المحافظة على أرضنا وأوطاننا والوعى والوعى في عدم الانجرار وراء التافهين والتفهات على مواقع التواصل الاجتماعي ولنقف خلف قادتنا وخلف جيشنا لنعبر إلى بر الأمان
مصرُ الكنانةُ ما هانتْ على أحدٍ *** اللهُ يحرسُها عطفًا ويرعَاها
ندعوكَ يارب أن تحمى مرابعَها *** فالشمسُ عينٌ لها والليلُ نجواهَا
مَن شاهَدَ الأرْضَ وأَقْطَارَها *** والنَّاسَ أنـواعًا وأجناسًا
ولا رأى مِصْـرَ ولا أهلها *** فما رأى الدنيا ولا الناسَ
أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لِي ولكُم
الخطبةُ الثانيةُ الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلَّا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلَّا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُه وَرَسُولُهُ ……..وبعدُ
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة
ثالثا وأخيرا : كن واعيا حتى لا تندم بعد فوات الأوان ؟
أيها السادة : الوعي ليس عبارةً فلسفيَّة، ولا ترفًا فكريا، وإنما هو فهم عقلي، وإدراك روحي، وشعور قلبي، وإحساس باطني، ينالُه المرءُ بالجِبِلَّة والفطرة والطبع تارةً، ويكتسبه بالدربة والدُّراية والممارسة والخبرة تاراتٍ أخرى، وهو صفةٌ مُساندةٌ للعلم ومُكمِّلةٌ له، فبالوعي تصِل إلى الحقيقة وتُحيطُ بما يدورُ في عالَمك من أحداثٍ وإن اعتراها شيءٌ من التحريف.وبالوعيِ يعرفُ المرءُ متى يُصدِّق الشيءَ ومتى يُكذِّبُه. وبالوعيِ يُدرِكُ المرء من يستعينُ به ومن يستغِلُّه، وبالوعيِ يتعرف على من ينصحه أو يخدعه، وعلى من يتحرى الصدق أو من يلجأ إلى التزويق والتنميق، وبالوعي يعرفُ المرءُ متى يكونُ الكلامُ خيرًا، ومتى يكونُ الصمتُ خيرًا له، فيختار الكلام المناسب في الوقت المناسب، ويختار الشخص المناسب في الوقت المناسب.
والوعيُ ليس إعمالاً لسوء الظنِّ، وإنما سلاحٌ قد تحتاجُه للهُجوم وقد تحتاجُه للدفاع، وأكثرُ ما يُوقِعُ المرءَ فريسةً للمكر والخِداع قلَّةُ وعيِه أو عدمُه بالكليَّة، ورحِم الله الفاروق عمر بن الخطاب حيث قال: لستُ بالخِبٍّ ولا الخِبُّ يخدَعُني)) فكن وعيا بِأَخْطَرِ عَدُوٍّ لِلْإِنْسَانِ بِتَحَدِّيَّاتِ الشَّيْطَانِ قال جل وعلا {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: 5-6].ولنحرص جميعا -أيها المسلمون- على أن نكون لبِنةً واعيةً من لبِنات المُجتمع؛ لكي نُحسِن المسيرَ، ونُتقِنَ العمل والتعامُل من أجل النُّهوض بالمُجتمع والأمة من السيِّئ إلى الحسن، ومن الحسن إلى الأحسن، والحذر كل الحذر من العُزلةَ المقيتة عن أمور المُسلمين؛ فإنها تحجُبُنا عما هو خيرٌ لنا في دينِنا ومعاشِنا، وتقضِي على كلِّ مُقوِّمات الوعيِ الناشِئِ من المُخالطَة ومعرفة أحوال الناس وأيامهم، قال رسول الله : «المؤمنُ الذي يُخالطُ الناسَ ويصبرُ على أذاهم خيرٌ من الذي لا يُخالطُ الناسَ ويصبِرُ على أذاهم»؛ (ابن ماجة)والأمة بمجموعها لا تكونُ واعيةً إلا بوعيِ أفرادها، فهم فكرُها اليقظ، وقلبها النابِض، وبصيرتُها المتفتحة، وبوعي الأفراد ترقى الأمة إلى معالِي الأمور؛ والأمة إذا وعَت فقد أدركَت ما لها وما عليها بين الأُمم الأخرى، وعرفت أن مواطن قوتها تكمن في مبادئها الدينية، وقيمها الأخلاقية، وخبرتها السياسية ومكانتها الاقتصادية وطاقاتها البشرية وكفاءاتها العلمية وركزت جهودها من أجل استثمار مكتسباتها لتثبيت مقوماتها والاعتزاز بهويَّتها، والاستِعداد الدائِم لسدِّ الثَّغَرات والقضاء على الخلافات، وبقدرِ وعيِ أمَّتنا يُمكنُ إجادةُ التعامُل مع الأحداث وتخطي العقبات وتجاوز الأزمات والتخلص من كل المؤثرات النفسية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي يمكن أن تهدد أمنها واستقرارها، والأمةُ الواعيةُ لا تُخدَع ولا ينبَغي لها أن تُخدَع ما دامَت قائمةً على أهمِّ مُقوِّمات وعيِها، وهي: دينُها، وعدلُها، وأخلاقُها، وعلمُها.فالله الله في الوعي والفهم والادراك.
حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه د/ محمد حرز إمام بوزارة الأوقاف
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف